ما هي البراجماتية وما هي تصوراتها للحقائق؟

الفلسفة البراجماتية (بالإنجليزية: Pragmatism) مصطلح سياسي وفلسفي، من المذاهب الفكرية التي تدفع الناس للبحث عن طرق تحقق أهدافهم بوسائل واقعية، أو القيام بأفعال تجعلهم قادرين على إنجاز ما يرغبون فيه.
- هي حركة فلسفية كان لها تأثير كبير على الثقافة الأمريكية من أواخر القرن التاسع عشر حتى الوقت الحاضر.
- تدعو البراجماتية إلى اختبار الأفكار والنظريات في الممارسة العملية، من خلال تقييم ما إذا كان التصرف بناءً على الفكرة أو النظرية ينتج نتائج مرغوبة أو غير مرغوب فيها.
- وفقًا للبراغماتيين، يجب اختبار جميع الادعاءات حول الحقيقة والمعرفة والأخلاق والسياسة بهذه الطريقة.
- انتقد البراغماتيون فلسفة الغرب التقليدية، وخاصة حول فكرة وجود حقائق مطلقة وقيم مطلقة.
- يعتبر البراغماتيون معظم النظريات هي مجرد فرضيات وحلول مؤقتة.
- يعتقد معظم المراقبين أن البرغماتية تلخص إيمانًا أمريكيًا بالمعرفة العملية والتطبيق العملي الواقعي وعدم الثقة في النظريات والأيديولوجيات المجردة.
وترجع البراغماتية في جذورها الأولى إلى الحقبة الكلاسيكية. تلك الفترة الزمنية التي توصل فيها العلماء الأكاديميون إلى الرفض التام للحقائق المطلقة. وقالوا: إنه لا توجد حقيقة مطلقة يستطيع البشر تحقيقها.
أما مسمى (البراجماتية) أو الكلمة ذاتها. فقد صاغها العالم والفيلسوف والمنطقي الأمريكي تشارلز بيرس Charles Sanders Peirce في عام 1870 من إحدى الكلمات اليونانية، التي تعني (العمل)، وكان لذلك العالم آراء حول الحقيقة والمعرفة؛ فهو يرى أنهما ناتجان عن أفعال الإنسان، وأن المعرفة ما هي إلا نتيجة للبحث عن الإجابات والتحقق منها، وكلاهما؛ أي البحث والتحقق، هما نشاطان قام به الإنسان.
تصورات البراجماتية
طور الفيلسوف وعالم النفس الأمريكي ويليام جيمس William James جهود تشارلز بيرس، وتوصل إلى أن توجيه التجربة الناجح هو الأساس الذي تقوم عليه الحقيقة. واتفق كلاهما بيرس وجيمس على أن الخبرة والتجربة هما البنيان الذي ترتكز عليه الحقيقة.
جاء من بعدهما الفيلسوف والمربي وعالم النفس الأمريكي جون ديوي John Dewey. الذي ركز ونظم مفهومه الخاص عن البراجماتية فيما يعرف بالمجالات الاجتماعية. وقال “إن الحقيقة هي ما يقبله المجتمع ويصدقه، وليست أمرًا ثابتًا. وهي بهذا الشكل تُؤَيَّد وتُقبل في العرف، وعلى المستوى الاجتماعي. وتصبح بذلك قابلة للتغيير؛ إذ يلجأ المجتمع إلى البحث عن حقائق أخرى في حال ما إذا عجزت الحقائق القائمة عن تلبية الاحتياج الاجتماعي”.
الفلسفة البراجماتية بهذا التوجه تقول: إذا أفادت الأفكار المجتمع فإنها حقيقة وواقعية. فإذا لم تفد المجتمع في ظرف اجتماعي وتاريخي، فإنه لا يمكن الحكم عليها بأنها حقيقة. فما يفيد في يومنا هذا قد لا يفيد في المستقبل وفق ظرف اجتماعي آخر.
بل إن البراغماتية تطورت لتعرف الحقيقة إلى أنها تتبلور في خضم تفاعل الناس مع محيطهم الاجتماعي وبيئتهم. وهم يعيدون تشكيلها ليحدث تناسب بينها وبين بيئاتهم.
كما تؤكد البراغماتية على حرية الناس في صياغة واقعهم، وكذلك في اختيار الطريقة التي يفكرون بها، وصناعة أية حقائق يريدون صناعتها، وأيًّا كانت تلك الحقائق”، ووفق شرح آخر، فإن الأفكار التي يعتنقها الأفراد في المجتمع يحدث لها تطور، ناتج عن الخبرة المكتسبة والتجربة في مشكلة بعينها، وهذا يعني أنه لا يمكن الحكم على أصالة الحقائق بمجرد وصف تلك الحقائق عقليًّا دون خوض التجارب.
ووفق توضيح لريتشارد شاسترمان، فإن البراجماتية هي تلك الفلسفة، التي ترتكز على خوض الإنسان التجربة بنفسه، وأن نفس ذلك الإنسان هي المسؤولة عن صنع التغيير بشكل فردي.
عند ديوي ينتج عن كل نفس أفعال، وفي الوقت نفسه تعتبر تلك النفس نتيجة لما اختارته وما فعلته. وكمال النفس وثباتها غير معترف به وغير موجود، فلا يوجد شخص له صفة الجاهزية. وفي نظره أيضًا تمثل فكرة النمو أعلى ما يسمى المثاليات في الأخلاق.
وبناءً عليه يستهدف الفرد نمو ذاته باستمرار. وحتى أولئك الأطفال الصغار، فإنهم يفعلون النمو، ويمارسونه كأي فعل آخر، وليس هذا النمو مجرد حدث يمرون به. والغريب أنه يقول “إن النمو لا يمكن أن يفرض على الصغار، رغم أنهم يمرون به كتجربة تسمى (النمو فكريًّا واجتماعيًّا”.
يعيد يونكينز الهدف الأساسي للتفكير إلى أن تفكير الشخص يتوسع من أجل حل إحدى المشكلات. عن طريق موقف معين يعاد بناؤه مرة أخرى، وأن الحقيقة تتوارى ولا تتضح إلا بعد التجربة. فالحقيقة تنتج عن الفعل، وليس عن التفكير؛ فالتفكير يأتي في مرحلة لاحقة عن الفعل، وبالتالي فإن الحقيقة هي بنت الفعل والعمل، ولا تكون معروفة قبلهما.
يصف ثاير التفكير عند البراغماتيين بأنه يمر بمراحل، وحيث إن التفكير يأتي لاحقًا على التجربة. فإنه يكون في بداية تلك المراحل مشوشًا وغير واضح. ومع نهاية عمليتي التحقق والتفكير يصبح كل شيء أمامنا واضحًا، وتحل المشكلات في نهاية تلك المراحل، فهو محدود داخل أطر معينة لا يتعداها.
ويصف ثاير التفكير العملي الذي تتبناه البراجماتية بالتماسك والتنظيم. ويعتبره قادرًا على حل مشكلات الحياة، وهو مسؤول بالتالي عن الوصول بالجميع إلى حياة واقعية أفضل.
قد يهمك أيضا تعريف مصطلح اتجاه اجتماعي