الذكاء في علم النفس

يرتبط مصطلح الذكاء في ذهن الكثير من الناس، بالعديد من سمات الأذكياء والعباقرة مثل سرعة التعلم وقوة الذاكرة والقدرة على الحفظ السريع وحل المشكلات والتخطيط الجيد وطريقة جمع الأفكار وتنسيقها وسرعة التصرف وأشياء أخرى، إلا أن الذكاء في علم النفس يتم النظر له بشكل مختلف حيث يعتبر ميزة سلوكية تختلف عن الإبداع والحكمة.
الكثير من الناس يخضعون لاختبارات الذكاء التي تعرف بـ “IQ” إلا أن هذا النوع من امتحانات أو اختبارات الذكاء لا يمكنها تحديد أصحاب الذكاء الخارق أو المنخفض بشكل مثالي، لا سيما أن جميع النظريات المتعارف عليها في وقتنا الحالي تكشف عن وجود أنواع ذكاء متعددة؛ مما يجعل من الصعب على هذه الاختبارات والمقاييس اكتشاف الحالات العبقرية وتحديدها بسهولة.
عندما تقع مشكلة ما، عادة لا يستخدم الناس كل جزء من مقدراتهم الذكائية لحل تلك المشكلة، بل يستعينون بالجزء المتعلق بالمشكلة فقط، لذا للذكاء أنواع كثيرة، ومن الوارد أن يختلف أداء الشخص في جزء معين من رأسه عن الأجزاء الأخرى.
قائمة المحتويات
تعريف الذكاء

يمكن تعريف الذكاء بأنه يمثل مدى قدرة الأشخاص على التفكير السليم والقيام بأنشطة حركية إلى جانب الإبداع والنبوغ في أي مجال وكذلك القدرة على التكيف مع الحياة بمختلف جوانبها (ذكاء التأقلم).
ورغم ذلك، لا يمكن تحديد تعريف بعينه للذكاء حيث يتوقف الأمر على البيئة المحيطة والمكان وأشياء أخرى، على سبيل المثال، في المدرسة يتم وصف الطالب المتفوق دراسيًا بالذكي، وفي مجال العمل يمكن إطلاق هذا الوصف على الشخص الذي يستطيع اقتناص الفرص وجمع الأموال بسهولة.
ينطبق الأمر نفسه على كرة القدم مثلاً، يوجد الراحل دييجو مارادونا الذي وصف بالعبقري إلى جانب مواطنه الأرجنتيني ليونيل ميسي الذي امتلك عقلية مميزة جعلته يتوقع تحركات الخصم قبل أن تحدث في الملعب.
بصفة عامة يمكن اعتبار النبوغ أو الذكاء كأداة تجعل الأشخاص يستطيعون التأقلم مع الحياة المحيطة بهم وحل المشكلات، مثلا في العصور القديمة كان الإنسان يواجه مشكلة في تناول الطعام بدون طهي، ولكن بعد أن فكّر واستغل ذكاءه تمكن من اكتشاف النار.
ظن العالم الإنجليزي فرانسيس جالتون Francis Galton خلال القرن التاسع عشر، أن الذكاء في علم النفس صفة موروثة تنتقل من الآباء للأبناء؛ ولهذا السبب كان يقوم بالبحث عن سمات الذكاء والفطنة في أبناء القادة العظماء.
في الحرب العالمية الأولى، فرضت أمريكا على المتقدمين للالتحاق بالجيش امتحان ذكاء يجب تخطيه أولاً، يعتمد على تقييم قدراتهم الذهنية وحينها لوحظ معدلات ذكاء أقل لأصحاب البشرة السمراء بما يصل إلى 15 نقطة عن أصحاب البشرة البيضاء، الأمر الذي جعل البعض يظن أن الذكاء مرتبط بالبيئة المحيطة، حيث كلما كانت المدارس والمنازل وطريقة الحياة أفضل كلما زاد متوسط الذكاء.
أرجع البعض، الفرق بين مستويات ذكاء أصحاب البشرة السمراء عن الجنس الأبيض إلى أن الأخيرين انحدروا من أجيال متقدمة ومزدهرة علميًا بصورة أكبر، فيما جاء الجنس الأسود من سلالات عاشت في الغابات الإفريقية، ولكن اعتبر كثيرون هذا التفسير عنصرياً، ولا ينتمي إلى المنطق.
وضع النيوزيلاندي جيمس فلين James Flynn تفسيرًا نفسياً أكثر منطقية لمعدلات الذكاء بين الجنسين الأبيض والأسود، مشيرًا إلى أنها تتوقف على الظروف الاقتصادية والأحوال الثقافية والحياتية التي وُجدت في الأسلاف.
تبنى العالم ويليام ديكنز وجهة نظر أخرى نالت تأييد معظم العلماء النفسيين في عصرنا الحالي حيث يقول إن الشخص الذي يمتلك صفة جينية متوارثة تمنحه فرصة أكبر بمجال محدد عن غيره؛ وبالتالي سيبدع في هذا المجال.
مثال على ذلك، إذا كان هناك صبي يتمتع بطول القامة والقدرة على الركض السريع من المؤكد أنه سيبدع في لعبة كرة القدم إذا عمل على تطوير نفسه في هذه الرياضة، وحافظ على قدراته البدنية، مما يؤكد أن الصفات المتوارثة لها دور كبير في متوسط الذكاء.
الفرق بين الرجال والنساء في الذكاء في علم النفس

لا يمكن تحديد فوارق محددة بين الجنسين في معدلات الذكاء، إلا أن هناك أمرًا تم ملاحظته في الذكور حيث يوجَد بينهم عدد أكبر من العباقرة مقارنة بالإناث، وكذلك عدد أصحاب الذكاء المحدود والضعيف يكون أكثر أيضًا من النساء.
لم يمنح التاريخ المرأة فرصًا لتقديم مهاراتها وقدراتها العقلية لسنوات طويلة عكس وقتنا الحالي الذي أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الذكاء لا يمكن قصره على الذكور فقط، ولا يعتمد أبدًا على الجنس، بمعنى أن فرص الذكور والنساء متماثلة في إظهار مهاراتهم وإبداعاتهم العقلية والفكرية.
كان لورنس سمرز رئيس جامعة هارفارد قد أثار غضب النساء عندما قال عام 2005 إن المرأة لا يمكن أن تبدع في مجال العلوم مثل الرجل؛ بسبب بعض المواصفات الدماغية والجسدية لديها.
تسبب هذا التصريح في غضب السيدات اللاتي يعملن في مجال العلوم، فيما أكد مختصون مثل جو هاندلسمان أن هذه الادعاءات غير صحيحة، وأنه لا يوجد أي فرق جيني بين الجنسين يدعم ما صرح به رئيس جامعة هارفارد، الذي عاد واعتذر عن تصريحاته بعد ذلك.
ما هي أنواع الذكاء؟
ينقسم الذكاء في علم النفس إلى عدة أنواع نذكرها فيما يلي
- الذكاء الموسيقي: يشمل المهارات الخاصة في تأليف وأداء الموسيقى وأبرز مثال هو بيتهوفن.
- الذكاء اللغوي: يستطيع صاحبه الإبداع في مجال الكتابة والخطابة والقدرة على التحدث بأكثر من لغة بسهولة والاستعانة بثقافته للوصول إلى أهدافه وأبرز مثال هو الأديب نجيب محفوظ.
- الذكاء الحركي: يعني استخدام الجسد لحل مشكلات محددة وأبرز مثال على هذا النوع من الذكاء الأشخاص الرياضيين مثل ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو.
- الذكاء الرياضي: يُشير لقدرة الفرد على حل المعادلات الرياضية والمشكلات المنطقية إلى جانب المعضلات العلمية وإمكانية استيعابها بسهولة وأبرز مثال هو ألبيرت أينشتاين.
- الذكاء الاجتماعي أو العاطفي: يعني إدراك ومعرفة نوايا الآخرين ورغباتهم الأمر الذي يجعله قادرًا على التعاون مع من هم حوله، ومن الأمثلة عليه المهاتما غاندي.
- الذكاء الفراغي: أي التمكن من حل المعادلات البصرية وإمكانية التعرف على أشكال متعددة ومثال على هذا النوع الرسام الشهير بيكاسو.
- الذكاء الشخصي: يستطيع صاحبه إدراك قدراته وفهم مشاعره وأفكاره بشكل صحيح الأمر الذي يمكنه من التنظيم الجيد لحياته ومستقبله وأبرز مثال على هذا النوع أفلاطون.
- الذكاء العاطفي: يمكن تعريف ذكاء العاطفة بأنه المقدرة على إدراك وفهم الشخص لمشاعر الآخرين ومشاعره مع السيطرة عليها وإدارتها بشكل مثالي.
يمكن أن يجمع شخص ما نوعان من الذكاء، على سبيل المثال لاعبي الشطرنج المميزين يمتلكان الذكاء الفراغي والرياضي، إلا أنهم يجدون صعوبة أكثر من غيرهم في مهمات أخرى مثل العزف بآلة موسيقية، كما أنهم يفتقدون إمكانية التواصل الجيد مع من حولهم.
كيف ينظر التاريخ للذكاء؟
اختلفت النظرة للمثالية من بلد لأخرى حول الذكاء في علم النفس، على سبيل المثال يعتبر الإغريقيون أن الشخص المثالي هو البارع في كل شيء يقوم به والذي يفكر بعقلانية، فيما كان الرومان يرون سمات الذكاء في الأشخاص الذين يتمتعون بالشجاعة، بينما ينظر الصينيون نظرة مختلفة للموهوبين في الرسم أو الموسيقى أو الشعر، وفي عصرنا الحالي يعد النبوغ أو الذكاء هو المقياس الأهم.
الذكاء في الحيوانات
يسعى العلماء بقوة إلى معرفة كل شيء عن الكائن الحي ودراسة سلوكه، حتى يستطيعوا تحديد معدل ذكائه وطريقة تعامله مع المحيطين به.
ما هي نسب الذكاء وطريقة قياسه؟
وضع ألفريد بينيه (بالفرنسية Alfred Binet) لأول مرة عام 1905، اختبارًا لتحديد قدرات الأطفال الذهنية خلال فترة الدراسة وعقب ذلك بـ 12 عامًا تم إجراء أول امتحان ذكاء أطلق عليه IQ وللعلم غالبًا ما تتأثر نسبة الذكاء بنوع الطعام الذي يأكله خاصة في السنوات الأولى من عمره.
ويتمتع معظم الأشخاص بذكاء متوسط فيما يوجد عدد أقل بكثير من أصحاب النسب العالية من الذكاء أو النسب القليلة جدًا.
كان ألفريد بينيه يريد من خلال هذا الاختبار التنبؤ بمستوى ذكاء الطفل في المدرسة وتحديد الأطفال الذين يحتاجون إلى مساعدات خاصة وبالطبع ترك هذا الامتحان منفعة كبيرة حيث تم الاستعانة بامتحانات تحديد القدرات الإدراكية في مهارات محددة مثل الرياضيات والبراهين الفراغية، حتى يتم تشخيص الحالات التي تتمتع بنسبة ذكاء ضعيفة.
دراسة الذكاء
قد تكون دراسة الذكاء في علم النفس معقدة بعض الشيء، ولم يستطع العلماء تسجيل تقدم كبير في فهم التعقيدات المرتبطة به بشكل واضح، إلا أن العديد من الخبراء في هذا المجال لم يتوقفوا عن إيجاد مميزات علمية قد تقدم لهم العون في البحث والتعمق بصورة أكبر لكشف المزيد من الخبايا، كما يأمل الخبراء والعلماء في التوصل إلى مفاهيم أكثر وضوحًا عن الذكاء بالشكل الذي يقدم المساعدة على الأقل للمعلمين في وضع تصميمات واستراتيجيات تعليمية فعالة للتلاميذ.
الذكاء الاصطناعي
يتمتع الذكاء الاصطناعي بخصائص فريدة توجَد في البرامج الحاسوبية التي تصبح قادرة على محاكاة قدرات البشر الذهنية، ومن أبرز مميزاته إمكانية التعلم والقدرة على الاستنتاج وتقديم ردود أفعال سريعة، حتى لو كانت غير مبرمجة.
يعتبر الذكاء الاصطناعي أحد فروع علم الحاسوب، وتم تعريفه في العديد من المؤلفات أنه تصميم العملاء الأذكياء حيث يمكن وصف العميل الذكي بأنه نظام قادر على استيعاب بيئته واتخاذ المواقف الصحيحة ليصبح ناجحًا في المهمة الموكلة إليه.
ما هي أبرز شروط الذكاء في علم النفس؟
- مرونة التفكير.
- التعلم من الخبرات.
- الاستماع الجيد والتعاطف.
- الإبداع والخيال.
- التفكير مع الآخرين.
- المثابرة.
- السعي نحو الدقة.
- التفكير الواضح والتعبير بدقة.
- مقاومة الاندفاع.
- المخاطرة المحسوبة.
- الحماس.
- المرح.
- التساؤل.
- استخدام الحواس.
اقرأ أيضا مجالات علم النفس، أبرز 14 فرعاً نفسياً