معارف ومعلومات

ما هي البرجوازية التي قضت على طبقة النبلاء؟

أدّت البرجوازية (بالإنجليزية: Bourgeoisie) دورًا بارزًا في النظرية الماركسية. حتى إنه قيل إن فلسفة النظرية الاقتصادية للماركسيين تأسست بكل محتواها ومعناها على البرجوازية، وأنه لو لم تكن موجودة لما وجدت الماركسية. ويرجع ذلك إلى المشكلات الكثيرة التي خلفتها البرجوازية التي دفعت “كارل ماركس” إلى تأسيس نظريته لتصحيح كل تلك المشكلات.

تعريف البرجوازية

مصطلح البرجوازية (فرنسي الأصل) يعني بأنه نظام اجتماعي تُسيطر فيه ما يُطلق عليها “الطبقة الوسطى” على كل مفاصل الحياة. بما فيها وسائل الإنتاج ومنابع الثروة في المجتمع، أي يمكننا القول إنّ الطبقة البرجوازية تقع بمنزلة الطبقة المستبدة بالمجتمع. لذلك لما كتب كارل ماركس نظرياته سعت ثورة العمال التي اتخذت هذه النظريات منطلقًا فكريًا لها إلى هدم هذه الطبقة والتخلص منها.

وجدير القول إنّ مقصود ماركس من مصطلح وسائل الإنتاج هو كل الموارد الطبيعية والمطاحن والمصانع إلى آخر كل هذه الوسائل التي تستخدم في إنتاج السلع والخدمات ثم بيعها.

وجدير القول أيضًا أنه في الوقت الراهن لا نستعمل مصطلح البرجوازية مع المجتمعات الحالية. وحتى إن استخدم فإنه يكون بمثابة الإشارة إلى بعض الصفات التي تماثل العصور التي اهتم بها ماركس في نظريته وراءها بعينه.

نظرة ماركس للرأسمالية

لما وضع كارل ماركس نظريته تخيلها خطوة مستقبلية تعتمد عليها المجتمعات الاقتصادية عقب التحرر من الرأسمالية. حيث ربط ماركس كل مشاكل المجتمعات الرأسمالية بالثروة والسلطة التي تدفقت من الأسفل إلى الأعلى ليستفيد منها عدد محدود من الناس. والأصل هو تدفقها من الأعلى إلى الأسفل ليستفيد بهما عموم الجماهير.

واقتنع ماركس بأن الطبقة البرجوازية بعد سقوط الرأسمالية ستتجه نحو استخدام نفس أدوات الرأسمالية لكي تحمي ثروتها وسلطتها الناشئة. وعلى هذا ستتجه إلى قمع الجماهير لا محالة.

ويجب التأكيد على أن البرجوازية لا تعني بالضرورة الأغنياء من الناس. فحتى مع هيمنة هؤلاء على الثروة بشكل يعد أحد أهم سمات البرجوازية. إلا أن مجرد الغنى وامتلاك الثروة غير كافي لوصف هؤلاء الأشخاص البرجوازيين. بينما اجتماع الثروة مع سيطرة شبه كاملة على كل وسائل الإنتاج الأساسية في البلد هو الأساس الحقيقي للانتماء لها.

البروليتاريا والبرجوازية

الأيديولوجية الماركسية في جوهرها عبارة عن صراع سلطة بين طبقة البرجوازية وطبقة العمال المعروفة باسم “البروليتاريا”. حيث جعل ماركس طبقة البرجوازية السبب المباشر في كل المشكلات التي تواجهها طبقة البروليتاريا. سواءً المشكلات الأخلاقية أو المشكلات العملية، وعلى هذا الأساس نشأ كل نقد ماركس لها.

فبحسب وصفه يعد التحكم في كل وسائل الإنتاج ومصادر الثروة تحكمًا مطلقًا في كل السلطة. وبذلك إجبار البروليتاريا على القبول لمجرد العيش. على سبيل المثال الإجبار على وظائف منخفضة الأجور وذات بيئات عمل خطيرة. وهذا السوء كله بالرغم من تفوق أعداد البروليتاريا الذين لم يقدروا على تحدي إرادة البرجوازية.

كما أشار إلى استخدام البرجوازية هذه السيطرة المطلقة لغرض تحقيق مصلحة خاصة بجدارة. بينما طبقة البروليتاريا لا تملك أقل وسائل الحماية أو الدفاع عن مصلحتها، ولا تملك سبيلًا لتحسين الظروف الحياتية.

ومع أن القتال بين الطبقتين يبدو من الحلول السهلة خصوصًا بالنسبة للعمال. إلا أنه لا يمكننا نسيان الخوف الدائم عند البروليتاريين من فقدان الوظائف حتى مع كونها سيئة ولا تُدر وفرة من المال. ولكن هي فقط أساسية لاستمرارية العيش ولذلك لا مجال للمخاطرة بها.

بدايات البرجوازية

أول ما بدأ مصطلح البرجوازية بدأ في فرنسا، وتحديدًا في القرون الوسطى. ومن ثم اكتسب أهميته الفلسفية والمجتمعية بدءً من القرن الثامن عشر تحديدًا. في حينها اتحدت قوى الطبقة الوسطى المُشكّلة من المهنيين والمُصنِّعين والحرفيين ومن حالفهم من السياسيين والأدباء والمفكرين للتأثير على السياسة الفرنسية في اتخاذ خطوات تراعي الوضع الاقتصادي لهذه الطبقة.

على هذا الأساس نظر كارل ماركس وغيره من المفكرين للثورة الفرنسية على أنها ثورة برجوازية بامتياز. لذلك أُسندت إليها في النظرية الماركسية أدوارًا بطولية في إشعال الثورات الصناعية وتحديث المجتمعات. إلا أنه لم يغفل سعيها لاحتكار ما ينتج عن هذا التحديث من فوائد ومكاسب بواسطة استغلال العمال في خلق توترات ثورية مستمرة دون امتلاكهم أي المكاسب.

وعلى هذا الأساس لخص ماركس النتيجة النهائية في صراع ثوري طبقي نهائي يصادر فيه العمال كل ممتلكات البرجوازية تنتهي بعده كل أشكال الطبقية والاستغلال وسلطة الدولة.

خلال حياة ماركس لم يثبت تجانس البرجوازية، ولم يثبت قدرتها على القيام بهذا الدور الذي أسنده إليها. كما لم يصح وصف الطبقة الوسطى ببلدان عديدة بوصف البرجوازية. وهو ما يهدم أساس النظرية من جذوره، لذلك تدفقت نقاشات غربية محورية عديدة عن مصطلح البرجوازية وماهيته. ثم ما لبث في منتصف القرن العشرين أن اختفى المصطلح السياسي بشكل نهائي عند الساسة والكُتاب على السواء.

تعريف كارل ماركس

نخلص مما سبق جميعًا أن البرجوازية بحسب نظريات كارل ماركس عبارة عن توصيف لطبقة اجتماعية أخذت في الظهور والتصاعد بين القرنين الخامس والسادس عشر. وكانت وقتها تسيطر على كل رؤوس الأموال وآليات الإنتاج. مما مكّنها من القدرة على الإنتاج وتحقيق الأرباح. لذلك تمكنت من السيطرة على المجتمعات والمؤسسات للمحافظة على مكاسبها المادية ومكانتها الاجتماعية.

بمعنى آخر البرجوازية هي الطبقة الحاكمة والمُسيطرة في كل مجتمع رأسمالي وهي بالأساس غير مُنتجة بذاتها. ولكنها تمتلك كل أدوات الإنتاج وتسيطر عليها مما يُمكنها من العيش على نواتج أعمال العمال.

وضمن هذا الإطار يقسّم “لينين” البرجوازيين إلى فئات عدة لامتناهية. أولها البرجوازي الصغير المتمثل في صغار المقاولين وأصحاب الوِرش الحرفية.

في النهاية، الطبقة البرجوازية هي صاحبة شرارة الثورة الفرنسية بعد التحالف مع العمال والفلاحين. ولكن في أعقاب نجاح هذه الثورة انقلبت على المبادئ الجمهورية واتجهت إلى دعم القوة العسكرية تحت قيادة “نابليون بونابرت” في إخماد الغضب العمالي حين تكشف لهم فراغ أيديهم وعدم جني أي مكاسب على الرغْم من ثورتهم. لذا تم تهميشهم واستأثرت بالمكاسب والسلطة. خصوصًا مع قضائها بمساعدة العمال والفلاحين على النبلاء ورجال الدين الإكليروس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!