دولة الخلافة الأموية: بحث عن نشأة الدولة الأموية وثوراتها وسقوطها

عقب انتهاء دولة الخلافة الراشدة، والتي استمرت لما يقرب من ثلاثين عاماً، قامت دولة الخلافة الأموية، لتضع حداً لفترات الاضطراب والفتنة بين المسلمين، وتتوحد الكلمة، وتجتمع الصفوف.
وقد استمرت الخلافة الأموية ما يزيد على التسعين سنة، شهدت خلالها الكثير من الأحداث وكذلك الإنجازات، ويعتبر المؤرخون مرحلة الخلافة الأموية من المراحل الذهبية والمشرقة التي مرت على التاريخ الإسلامي كله، فهيا بنا نحكي لكم قصة تأسيس هذه الدولة ونشأتها.
قائمة المحتويات
تأسيس دولة الخلافة الأموية

تأسست الخلافة الأموية عقب تنازل الخليفة الخامس الحسن ابن علي -رضي الله عنه وعن آل بيته- عن الخلافة. وذلك، بعد أن بايعه أهل الحجاز إلى أمير الشام الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما-. حيث كان الحسن -رضي الله عنه- يهدف إلى توحيد المسلمين مرة أخرى تحت راية واحدة هي راية الإسلام. وكان يسعى إلى حقن الدماء المستعرة بين المسلمين،
وقد تم تسمية هذا العام الذي حدث فيه هذا التنازل من الحسن بن علي إلى معاوية بـ “عام الجماعة”. وذلك في السنة الواحدة والأربعين من الهجرة النبوية المشرفة، حيث استلم بموجبها معاوية ابن سفيان مقاليد الحكم باعتباره أول خليفة ينسب إلى بنو أمية من قريش.
في الواقع، تم نقل المقر الرسمي لدولة الخلافة الأموية، من الكوفة إلى دمشق، إذ كان والياً عليها لمدة تزيد على عشر سنين من أيام خلافة الفاروق -رضي الله عنه. وقد اتسم عصر الخليفة معاوية بن أبي سفيان بالاستقرار والهدوء. وذلك بسبب اجتماع كلمة المسلمين عليه باعتباره حاكماً شرعياً، وقد كان عهده ممتلئاً بالإنجازات. وفضلاً عن ذلك فقد استمرت حركة الفتوح الإسلامية في الشرق والغرب.
كما لا يخفى عليكم، فقد عقد معاوية البيعة من بعده لابنه يزيد قبل وفاته بنحو من عشر سنوات. وبالتحديد في السنة الخمسين من الهجرة النبوية المشرفة، وقد لاقى هذا الصنيع معارضة من الصحابة -رضوان الله عليهم جميعاً- بسبب هذا التغير الكبير في آلية اختيار الحاكم في الإسلام، حيث أصبح نظام الحكم في الدولة الأموية وراثياً ملكياً في عصر الخلفاء الأمويين بعد أن كان الأمر بيعة وشورى.
الثورات ضد الأمويين
تعرضت الخلافة الأموية إلى العديد من الاضطرابات والثورات. على سبيل المثال: ثورة المختار بن عبيد الله من بني ثقيف، وثورة التوابين، وثورة عبد الله بن الزبير، بالإضافة إلى ثورة الحسين ابن علي. كما قد نجحت الدولة الأموية في تجاوز آثار تلك الثورات، ووأدها والقضاء عليها، على الرغم مما تركه بعضها من آثار جسام. وبالأخص ثورة الحسين – رضي الله عنهما – في كربلاء وما تركه استشهاده من تأثيرٍ نفسي وجرحٍ عميق في نفوس المسلمين.
إنجازات الدولة
في الحقيقة اهتمت الدولة الأموية أو الخلافة بنهضة العالم الإسلامي في كافة القطاعات التجارية والصناعية. كما اتسعت الرقعة الجغرافية للدولة الإسلامية، وذلك بفضل الفتوحات والجهاد. وبرز عدد كبير من القادة العسكريين، على سبيل المثال:
- المهلب بن أبي صفرة.
- القائد محمد ابن القاسم من بني ثقيف فاتح السند.
- القائد قتيبة بن مسلم الباهلي فاتح بلاد “ما وراء النهرين”.
- والقائد موسى ابن نصير، والقائد طارق ابن زياد اللذان فتحا الأندلس وإفريقيا.
عهد النهاية والسقوط للدولة الأموية
بدأ عصر النهاية والسقوط للدولة الأموية بعد موت الخليفة هشام ابن عبد الملك. في الحقيقة، انتقلت مقاليد السلطة بعده إلى خلفاء ضعفاء، غرقوا في بحار الهوى والملذات وسقطوا في بئر الشهوات. فكانت نهاية الدولة على أيديهم في عام مائة واثنين وثلاثين من الهجرة على يد العباسيين. وكان ذلك في المعركة الشهيرة معركة “الزاب”.
أسباب سقوط دولة الخلافة الأموية
1. العصبية العربية
اتسمت السياسة الأموية بالاعتماد على العرب وممارسة التمييز ضد القوميات الأخرى مثل الأتراك والفرس وغيرهم. هذه السياسة أدت إلى نفور المسلمين من غير العرب عن الأمويين، كما انضمت هذه العناصر غير العربية إلى الأحزاب التي تعارض الحكم الأموي، مثل الخوارج والشيعة.
2. اللجوء إلى العصبية القبلية
سعى الإسلام والخلافة الراشدة إلى القضاء على العصبية القبلية واعتبارها من مخلفات الجاهلية، إلا أن القبلية ظهرت خلال الحكم الأموي، ولو في نطاق ضيق نتيجة لسياسة بعض الولاة والخلفاء الأمويين، التي كانت تقوم على تفضيل القبائل على غيرها. في الحقيقة في عصر الوليد بن يزيد بن عبد الملك كان الصراع محتدماً بين القبائل اليمانية والمضرية بسبب العصبية التي مارسها بعض الخلفاء، وبسبب هذه العصبية وقعت عدة صراعات وثورات.
3. الصراع بين الخلفاء على ولاية العهد
أصبح نهج معاوية في تولية العهد لابنه يزيد هو الممارسة التي اتبعها جميع الخلفاء من البيت الأموي، مما أدى إلى صراع بين أفراد الأسرة الأموية. فعلى سبيل المثال، انتقم سليمان بن عبد الملك من كل من شجع شقيقه الوليد على الإطاحة به من ولاية العهد، حتى قتل اثنين من أعظم قادة الفتوحات، وهم: قتيبة بن مسلم، ومحمد بن القاسم الثقفي، في الحقيقة أدى ذلك إلى انقسام في البيت الأموي، وكانت فرصة مهمة لأولئك الذين أرادوا الإطاحة بحكمهم.